responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 496
نهارها لا عن عروض عارضة ولحوق مرض وخرس بل قد كنت ح سَوِيًّا صحيحا سالما عن جميع الأسقام غير ان اشتغالك بالحق قد شغلك عن الخلق بحيث لا تطيق التكلم معهم في المدة المذكورة الا رمزا اشارة وإيماء
ثم لما دنى وقت الحمل لاحت إمارته فَخَرَجَ صبيحة يوم عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ اى الحجرة التي هو فيها من خلوته للصلاة على عادته المستمرة وقد كان من عادته انه يأمرهم في كل صبيحة خرج عليهم بالصلوة والدعاء والتوجه والخشوع فَأَوْحى اومأ وأشار إِلَيْهِمْ بلا نطق وتكلم أَنْ سَبِّحُوا ربكم ونزهوه عما لا يليق بشأنه بُكْرَةً وَعَشِيًّا اى في الصبيحة التي أنتم فيها والبكرة التي ستجيء الى العشى الآتي والى الصبيحة الآتية بعده أوصاهم كل يوم بذلك على الدوام وفي تلك المدة ما قدر على التكلم معهم لذلك أشار
ثم لما سوينا خلقة يحيي وأخرجناه من بطن امه صحيحا سويا قلنا له تربية وتكريما يا يَحْيى الموهوب من لدنا المؤيد من عندنا خُذِ الْكِتابَ اى التوراة واشرع في ضبطها وحفظها بِقُوَّةٍ اى بنية خالصة وعزيمة صحيحة صادقة وَانما أمرناه بحفظها وضبطها إذ قد آتَيْناهُ الْحُكْمَ يعنى الحكمة المندرجة فيها وأعطيناه فهمها واستنباط الاحكام منها حال كونه صَبِيًّا لم يبلغ الحلم
وَانما آتيناه وأعطيناه في حال صغره فهم التورية ليكون حَناناً ترحما وتعطفا مِنْ لَدُنَّا إياه تكريما له ولأبيه وَزَكاةً طهارة له عن مطلق الخبائث والآثام وَلهذا قد كانَ في مدة حياته من أوان صباه الى موته تَقِيًّا حذرا من عموم المناهي والمنكرات خائفا عن جملة المعاصي والمحظورات
وَ
لنجابة طينته قد ألقينا في قلبه بَرًّا
وإحسانا بِوالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ
في وقت من أوقاته وحالاته جَبَّاراً
عاقا لهما مستنكفا عن أمرهما عَصِيًّا
تاركا أمرهما وحكمهما
وَ
لسلامته عن عموم الآثام وطهارته عن جميع الخبائث والمعاصي سَلامٌ
حفظ وتسليم وتكريم نازل منا عَلَيْهِ
على الدوام يَوْمَ وُلِدَ
قد كنا نحفظه من شر الشيطان وَيَوْمَ يَمُوتُ
نحفظه من زوال الايمان وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا
نصونه عن الخيبة والخسران وعن لحوق الحسرة والخذلان
وَاذْكُرْ
يا أكمل الرسل فِي الْكِتابِ
اى القرآن المنزل إليك سيدة النساء مَرْيَمَ
عليها السّلام اى قصتها العجيبة الشان التي هي اعجب واغرب من قصة ولد زكريا عليه السّلام اذكر وقت إِذِ انْتَبَذَتْ
اى اعتزلت وتباعدت مِنْ أَهْلِها
حين حاضت وطهرت وأرادت الاغتسال حسب طهارتها الفطرية ونجابتها الجبلية فاختارت للخلوة والستر مَكاناً شَرْقِيًّا
اى مشرق بيت المقدس ومع كونه مكانا بعيدا خاليا عن الناس
فَاتَّخَذَتْ
وأسدلت لغاية الاحتياط في التحفظ والتستر مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً
يسترها ويحفظها عن أعين الناس ان وصلوا بغتة ثم لما تجردت عن لباسها واشتغلت لان تغتسل فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا
وحامل وحينا وهو جبريل عليه السّلام إظهارا لكمال قدرتنا وحكمتنا وانفاذا لحكمنا الذي قد حكمنا به في سابق علمنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا
شابا صبيحا امرد قططا مجعد الشعر لئلا تستوحش ومع ذلك قد استوحشت وارتهبت رهبة شديدة ومن شدة خوفها منه واضطرابها
قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ
والوذ بِالرَّحْمنِ
الذي كفى لحفظ عباده من مطلق الشرور سيما مِنْكَ
اى من شرك ومن شر امثالك فادفع أنت بنفسك عنى إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا
خائفا من الله حذرا عن بطشه وانتقامه ثم لما رأى جبرائيل عليه السّلام من كمال عفتها وعصمتها ما رأى
قالَ
مستحييا معتذرا من جنس الملك إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ
قد أرسلني إليك يا سيدة النساء

اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 496
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست